وبفضل تكوينها الذي يجمع بين الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني والجغرافيا ومثابرتها، ساهمت السيدة بلقزيز بشكل نشيط، في إحداث جمعية « تراث » التي تعمل، من دون كلل، في سبيل صون الطابع الأصيل والغنى الثقافي لهذه المدينة الألفية.
وساهم انضمام مجموعة من المهندسين المعماريين والخبراء في التراث إلى جهود السيدة بلقزيز في توسيع قاعدة الجمعية التي أصبحت تضم اليوم، نحو 15 عضوا.
وقالت السيدة بلقزيز في حديث لها، إن « هذه الجمعية الفتية نجحت في التأسيس لأيام التراث، وهو الحدث الذي يطفئ هذه السنة شمعته الثالثة »، مشيرة إلى أن هذه التظاهرة أتاحت في سنة 2024، للساكنة والزوار إعادة اكتشاف كنوز هذه المدينة التاريخية من خلال زيارات منظمة غير مسبوقة وعروض لمؤرخين ومعماريين وخبراء في التراث.
وحسب السيدة بلقزيز، تضطلع جمعية « تراث » بدور محوري في صون التراث بمراكش، ليس فقط المعمار والمشاهد، بل أيضا، المهارات والتقاليد المحلية.
ومكنت التجربة والمسار المهني الغني لهذه الناشطة الجمعوية من المشاركة في مشاريع كبرى ودراسات حول التعمير وتهيئة التراب ليس فقط بمراكش، بل أيضا، في مدن أخرى كآسفي والدار البيضاء وتارودانت، حيث كانت وراء بلورة خطة المحافظة على المدينة العتيقة.
وبالمدينة الحمراء، كانت بصمتها حاضرة في الأوراش الكبرى التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في إطار مشروع « مراكش الحاضرة المتجددة »، بمشاريع تراثية كبرى من قبيل تأهيل مدار « سبعة رجال »، وإعادة تأهيل الملاح ومدار بداخل المدينة العتيقة.
ولعل هذا الشغف بالتراث هو ما دفعها إلى إصدار عدد من المؤلفات، من ضمنها كتاب « معجزة الماء .. مراكش، مدينة بساتين مثالية » و »قصور وحصون المنصور الذهبي »، حيث تتساءل عن تاريخ التراث عبر تجميع عدد من المعطيات التاريخية والمعمارية والمائية والأثرية.
وباتت هذه الخبيرة في التراث مقتنعة بأن المغرب عموما ومراكش خصوصا، يزخران بكنوز تراثية يتعين استكشافها، قصد نقلها بشكل أمثل للأجيال المستقبلية.
وتابعت « لدي عدد من الإصدارات المرتقبة، من ضمنها مؤلف حول القبة المرابطية والقصبة الموحدية، أحاول من خلالهما أن أنقل هذا الشغف بتراث بلدي ».
وأبرزت السيدة بلقزيز، التي تطمح إلى نقل معرفتها وتجربتها للأجيال الجديدة بعد انضمامها إلى مدرسة الهندسة المعمارية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، العناية الخاصة التي توليها المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للمحافظة على تراثها الوطني وتثمينه، لاسيما عبر إطلاق ورش إعادة تأهيل وتثمين المدن العتيقة لمراكش وفاس والصويرة، مؤكدة أن أثر هذا التأهيل اليوم، يبدو ملموسا في كل المدن العتيقة.
وأشادت من جهة أخرى، بالتقدم الكبير المحرز في مجال النهوض بحقوق النساء بالمغرب، وذلك بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مؤكدة أن هذا التقدم مكن المرأة المغربية من تعزيز حضورها كفاعل لا محيد عنه في البناء المجتمعي.
وفي هذا الصدد، أكدت الفاعلة الجمعوية أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يمثل فرصة لإبراز هذه المكتسبات، والاحتفاء بالتقدم المنجز وتكريم جهود وتضحيات الأجيال السابقة، مع التذكير بالتحديات التي لا يزال يتعين مواجهتها لتوطيد مكانة المرأة في المجتمع.
فؤاد بنجليقة