حميد بن إبراهيم الأندلسي: صناعة الطيران تُدر اليوم ملياري دولار من حيث رقم المعاملات

حميد بن إبراهيم الأندلسي: صناعة الطيران تُدر اليوم ملياري دولار من حيث رقم المعاملات

حميد بن إبراهيم الأندلسي، رئيس التجمع الصناعي "ميدبارك" ومعهد مهن الطيران

تطرق حميد بن إبراهيم الأندلسي، رئيس التجمع الصناعي "ميدبارك" ومعهد مهن الطيران (IMA)، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى آفاق المرحلة الثانية من تطوير صناعة الطيران والتوجهات الجديدة لهذه الصناعة.

1 – ما هي حصيلة منظومة الطيران الوطنية خلال سنة 2022؟

انتهت سنة 2022 على وقع نمو بلغ ما يناهز 50 في المائة، مما يدل على أنه تم احتواء الآثار السلبية المترتبة عن الأزمة الصحية. كما أننا حققنا أرقاما تاريخية مقارنة بالسنة المرجعية 2019.

وبشكل ملموس، فإن صناعة الطيران الوطنية تُدر اليوم ملياري دولار من حيث رقم المعاملات عند التصدير وتتوقع أكثر من 20 ألف منصب عمل بعد أن استرجعت، بل وتجاوزت، مجموع مناصب الشغل التي فقدت بين 2020 و2021 جراء الأزمة الصحية والبالغ عددها 1200 منصب شغل.

2- أصبح المغرب مصدرا حيويا للموارد البشرية في مجال مهن الطيران، ولا سيما من خلال معهد مهن الطيران، فهل نتوافق اليوم مع المعايير الدولية وما هي المكانة التي يحتلها التكوين ضمن سياسة الاستقطاب بالمغرب؟

من الواضح جليا أنه إذا كنا قد نجاحنا في التطور في مجال الطيران فإن ذلك يرجع لقدرتنا على تلبية احتياجات الشركاء من حيث الكفاءات والمواهب.

فعندما يرغب الصناعيون الأجانب في الاستقرار بالمغرب فإنهم يجلبون التكنولوجيا والابتكار والأسواق. وفي المقابل، فإنهم يبحثون عن إمكانية الاستقرار سريعا وفي ظل أفضل الظروف وعن رأس مال بشري مؤهل.

تلك هي الشروط الأساسية التي يشترطها الصناعيون الأجانب بغية إقامة جزء من أنشطتهم في المغرب. وقد استطعنا تلبية هذه الاحتياجات وتقديم حلول من خلال منصة النواصر عبر المنطقة الحرة « ميدبارك » المخصصة لقطاع الطيران ومعهد مهن الطيران (IMA).

ويُمثل معهد مهن الطيران نموذج شراكة مبتكرة بين الدولة والصناعيين، صمم من طرف أعضاء تجمع الصناعات المغربية للطيران والفضاء. ويتم توفير التكوين به وفق الخصائص التي يقدمها المصنعون.

وتستجيب جودة ومستوى التكوين في مجال إنتاج وتصنيع الطيران للمعايير الصارمة على الصعيد العالمي، إذ يواكب معهد مهن الطيران المصنعين ويستجيب لاحتياجاتهم في إطار تكوين بين المعهد والمصانع.

ولقد مكننا هذا النموذج من تطوير صناعة الطيران لدرجة أن أي رجل صناعة يقوم باستكشاف اليوم في المغرب فإنه يهتم بمعهد مهن الطيران، الذي أضحى بالنسبة لنا وسيلة فعالة من أجل جذب المستثمرين.

3- ما هي، بحسب رأيكم، أهم عوامل التنافسية لمنصة الطيران الوطنية؟

يتمثل العامل الجاذبية في مواردنا البشرية من تقنيين ومهندسين. ويعتبر المغرب مصدرا خصبا للمواهب والكفاءات في وقت يسود فيه توتر حاد في كل من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.

ويُشكل رأس المال البشري أحد ثروات بلدنا، القادر اليوم على تلبية احتياجات الشركات المصنعة في هذا المجال.

يعد الموقع الجغرافي للمغرب، باعتباره الباب المزدوج لإفريقيا وأوروبا، ميزة أساسية أخرى. وتعتبر المملكة حاليا القاعدة الأكثر استقطابا وجاذبية على أبواب أوروبا وأول قطب أفريقي للطيران.

فمن خلال منصته التي تضم 142 شركة في مختلف فروع النشاط على غرار الإنتاج والبحث والتطوير والصيانة، أضحى المغرب اليوم أحد القواعد العالمية الأكثر جاذبية وذات القيمة المضافة العالية.

هناك إقبال كبير من طرف المستثمرين الأجانب على منصة صناعة الطيران المغربية. ونتوقع خلال سنتي 2023 و2024 أن تتسارع وتيرة النشاط بفضل انضمام فاعلين جدد في قطاعات جديدة مهمة مثل الصيانة والتعديل وتحويل الطائرات.

ويتيح لنا الارتقاء بمستوى صناعة الطيران المغربية وكفاءتها وجودتها فرصة استقبال أنشطة الجديدة في مجال الدفاع والأمن والبحث التكنولوجي.

والأهم من ذلك، فإن قطاع الطيران يشهد قطيعة تكنولوجية لتلبية المتطلبات الإيكولوجية والتقليل من البصمة الكربونية، ونحن اليوم بصدد الشروع في هذه المرحلة الجديدة المتمثلة في تحول قطاع الطيران.

4 – ما هي حصة الإدماج المحلي في سلسلة صناعة الطيران بالمغرب؟ وما رأيكم بشأن خلق نسيج من الموردين المحليين لخدمة مقدمي الطلبات الذين يعملون في المغرب؟

يبلغ معدل الادماج الحالي للصناعة ما يناهز 40 في المائة، مما يجعله معاملا لائقا وعاليا نسبيا.

نعمل اليوم بشراكة مع فاعلين محليين مرجعيين مثل شركات « سافران » (Safran) و »سبيريت » (Spirit) و »ستيليا » (Stelia) على تعزيز سلسلة التوريد واستقطاب فاعلين جدد في الصناعة لرفع مستوى الادماج المحلي.

ويكمن الهدف في جعل نشاط الفاعلين الحاليين أكثر تنافسية، إلى جانب العمل على تقليل البصمة الكربونية.

تُمثل الشراكة الأخيرة بين « فيجياك » (Figeac) و »سافران » (Safran) خير مثال على تعزيز القيمة المضافة المحلية. ويتعلق الأمر بتركيب معدات جديدة عالية التقنية متوفرة في 5 دول فقط حول العالم.

5- ما هي الأولويات الرئيسية لخارطة طريق الطيران لسنة 2023؟

نعمل بصورة مشتركة مع وزارة الصناعة والتجارة والوزارة المكلفة بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية من أجل الانتقال إلى ما يمكن أن نطلق عليه اسم المرحلة الثانية من صناعة الطيران.

نجحنا خلال المرحلة الأولى، التي انطلقت قبل حوالي عشرين سنة، في جذب عدد من الفاعلين الدوليين الرئيسيين وفي إنشاء قاعدة مهمة ومتنوعة في مختلف الأنشطة التكنولوجية عالية المستوى.

نعمل اليوم بوفاق تام مع مختلف الوزارات المعنية من أجل الانتقال للسرعة القصوى وتطوير منظومات جديدة.

ويكمن الهدف في جذب فاعلين مرجعيين دوليين جدد وتنويع الأسواق مع كل من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا بغية تعزيز وجودنا ضمن الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية.

ونسعى من خلال هذه المرحلة الثانية إلى استقطاب صناعات طيران ذات الصلة مثل الدفاع والأمن، وخصوصا إلى تقليل البصمة الكربونية لأنشطتنا من خلال تركيب أجهزة حديثة وتكوين المواهب التي تزخر بها بلادنا من أجل استخدام أحدث التقنيات.

كما نطمح إلى مواصلة الجهود الرامية إلى إدماج النساء وتعزيز رأس المال البشري على مستوى مخطط التشغيل. أما في ما يتعلق بالتمويل، فتتمثل أهدافنا في فتح رؤوس أموال الشركات الأجنبية بشكل أساسي أمام المستثمرين المغاربة.

6- كيف تنظرون إلى تطور صناعة الطيران خلال السنوات القادمة؟

في الختام، أود أن أشير إلى أن المغرب يشكل دون أدنى شك قاعدة تنافسية أساسية وذات قيمة مضافة عالية في مجال صناعة الطيران.

كما أن العوامل مواتية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من أجل تطوير كمي ونوعي لصناعتنا.

وبالنسبة لنا، فإن الطيران يعد ورشا مهيمنا، إذ يعتبر قطاعا هاما من قطاعات السيادة من شأنه دمج شبابنا في مجتمع المعرفة وانخراط بلدنا في الصناعة المستقبلية.

أجرى الحوار زين العابدين تيموري