.رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا الإثنين (30 يونيو 2025) العقوبات المفروضة على سوريا، على أمل إعادة دمج الدولة التي مزقتها الحرب في الاقتصاد العالمي.
وكان ترامب أعلن في ماي الماضي عزمه على رفع معظم العقوبات المفروضة على سوريا استجابة لمناشدات من السعودية وتركيا بعد أن أنهى تحالف فصائل مسلحة قادته هيئة تحرير الشام، الفرع السابق لتنظيم القاعدة، نصف قرن من حكم عائلة الأسد.
والإثنين وقّع ترامب أمرا تنفيذيا أنهى بموجبه « حالة الطوارئ الوطنية » القائمة بشأن سوريا منذ عام 2004 والتي فرضت بموجبها عقوبات شاملة على دمشق أثّرت على معظم المؤسسات التي تديرها الدولة ومن بينها البنك المركزي.
وفي هذا السياق قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحافيين إنّ توقيع هذا الأمر التنفيذي « يأتي في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز ودعم مسار البلاد نحو الاستقرار والسلام ».
بدوره قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن إنهاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برنامج العقوبات المفروضة على سوريا سيفتح « أبواب إعادة الإعمار والتنمية التي طال انتظارها ».
وأضاف في منشور على منصة إكس أن هذه الخطوة ترفع « العائق الكبير أمام التعافي الاقتصادي » وتسهم في « الانفتاح على المجتمع الدولي ».
إنهاء عزلة سوريا
من جهته، قال مسؤول العقوبات في وزارة الخزانة الأمريكية براد سميث إنّ هذه الخطوة « ستنهي عزلة البلاد عن النظام المالي الدولي، وتهيّئ للتجارة العالمية وتحفّز الاستثمارات من جيرانها في المنطقة وكذلك من الولايات المتحدة ».
وجاء في الأمر الذي أصدره البيت الأبيض أنّ سوريا « تغيّرت » منذ سقوط الأسد، بما في ذلك من خلال « الإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع ».
لكن الولايات المتحدة أبقت على العقوبات المفروضة على أركان الحكومة السابقة، وفي مقدّمهم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي فرّ إلى روسيا أواخر العام الماضي.
وأجرت سوريا مؤخرا أول تحويل مالي إلكتروني عبر النظام المصرفي الدولي منذ أن انزلقت إلى حرب أهلية دامية عقب احتجاجات شعبية قمعت بالقوة عام 2011.
مباحثات لاتفاق أمني محتمل
وقال البيت الأبيض الإثنين إنه سيواصل مراقبة تقدم سوريا في القضايا الرئيسية، بما في ذلك « خطوات ملموسة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتعامل مع الإرهابيين الأجانب، وطرد الإرهابيين الفلسطينيين، وحظر الجماعات الفلسطينية الإرهابية ».
ويأتي ذلك في وقت كشف فيه موقع أكسيوس الإخباري الإثنين نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجري « مباحثات تمهيدية » لإبرام اتفاق أمني محتمل بين إسرائيل وسوريا.
وكانت إسرائيل قصفت معظم المواقع العسكرية في سوريا بعد سقوط الأسد وأبدت في بادئ الأمر تشكّكها في مسار الدولة المجاورة في ظلّ حكم الشرع. لكنّ الدولة العبرية أعلنت الإثنين اهتمامها بتطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان، مع تراجع نفوذ إيران فيهما بشكل حادّ، ولا سيّما بسبب الضربات الإسرائيلية.
ورأى مسؤولون في إدارة ترامب أن رفع العقوبات عن سوريا من شأنه أن يؤدي إلى دمج البلاد بشكل أفضل في المنطقة وتحفيز المبادرات الإسرائيلية.
وقال توم باراك، السفير الأمريكي لدى تركيا ومبعوث ترامب إلى سوريا، إنّ الهجمات الإسرائيلية المكثفة على إيران في يونيو فتحت « نافذة لم تكن موجودة قط ». وأضاف باراك في تصريحات صحافية « إنها فرصة لم نرها من قبل على الإطلاق، وقد شكّل الرئيس فريقا قادرا على تحقيقها ».
ساعر: الجولان ستبقى جزءا من إسرائيل
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد أعلن الإثنين أن إسرائيل « مهتمة » بتطبيع علاقاتها مع سوريا ولبنان، مؤكدا أن هضبة الجولان السورية المحتلة ستبقى « جزءا لا يتجزأ » من الدولة العبرية في أي اتفاق سلام محتمل. وقال ساعر خلال مؤتمر صحافي في القدس مع نظيرته النمساوية بياتي ماينل-رايزينغر إن « إسرائيل مهتمة بتوسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية ودائرة السلام والتطبيع (في المنطقة) »، في إشارة إلى الاتفاقات التي أبرمت برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2020، وأقيمت بموجبها علاقات رسمية بين إسرائيل وكل من البحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان.
وأضاف ساعر « لدينا مصلحة في ضم دول جديدة، مثل سوريا ولبنان… إلى هذه الدائرة، مع الحفاظ على المصالح الأمنية والجوهرية لدولة إسرائيل ».
وشدد وزير الخارجية الإسرائيلي على أن إسرائيل لن تتخلى عن الجولان السوري الذي احتلت أجزاء واسعة منه في حرب عام 1967 وضمّتها في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.
وقال « إسرائيل فرضت قوانينها على هضبة الجولان قبل أكثر من 40 عاما، وفي أي اتفاق سلام، سيبقى الجولان جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل ».
التأكيد على حقوق الأقليات
ورغم الأجواء المتفائلة بشأن الزعيم السوري الجديد، فقد شهدت البلاد سلسلة من الهجمات ضد الأقليات منذ سقوط الأسد. وقُتل ما لا يقلّ عن 25 شخصا وجُرح العشرات في هجوم يشتبه أنه من تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية على كنيسة في دمشق في 22 يونيو.
وقبل إعلان ترامب المفاجئ عن تخفيف العقوبات خلال زيارته إلى السعودية، كانت الولايات المتّحدة تصرّ على تحقيق تقدّم أولا في مجالات رئيسية من بينها حماية الأقليات.
ولا تزال الولايات المتحدة تصنّف سوريا دولة « راعية للإرهاب »، وهو تصنيف قد يستغرق رفعه وقتا أطول، ويساهم أيضا في تثبيط الاستثمار بشكل كبير.
تحرير: صلاح شرارة
